معبد الرامسيوم
2019/04/08 12:48 ص
عرف هذا المعبد فى اللغة المصرية القديمة بأسم "خنمت واست" بمعنى "المتحد مع واست" وأطلق عليه الأغريق اسم "ممنونيوم" ربما لتشابه تمثال رمسيس الثانى الضخم المقام بداخله بالبطل الأثيوبى الاسطورى ممنون ابن تيثونس والهة الفجر ايوس ، ويحتمل ان ضخامة تماثيل كل من امنحوتب الثالث ورمسيس الثانى كانت هى السبب فى اطلاق اسم "ممنون" على هذه التماثيل وخاصة ان معبد تخليد ذكرى رمسيس الثانى قد شيد فى مكان غير بعيد من تمثالى ممنون. وأعتقد الإغريق ايضا ان هذا المعبد هو مقبرة الملك أوزيمندياس ، وقد اتى هذا الاسم اغلب الظن من تحريف اسم التتويج للملك رمسيس الثانى وهو "وسر ماعت رع" والذى ربما كان ينطق "اوسى ما رع" اما الاسم الحالى وهو الرمسيوم فهو كما نعرف نسبة الى رمسيس الثانى ، وقد خصص هذا المعبد فى المقام الأول للاله امون.
امر بتشييد هذا المعبد الملك رمسيس الثانى ، والمعبد مهدم الآن الى حد كبير ، إلا ان اطلاله تدل على انه قصد به ان يظهر عظمة ومكانة رمسيس الثانى بين الملوك،ويحيط بالمعبد سور ضخم من الطوب اللبن, طوله 270 متر وعرضه 175متر ولكن أغلب هذه المساحة مشغولة بالمخازن والمبانى الثانوية،ومن المعروف ان جدران هذا المعبد لا توازى جدار السور لأن المعبد بنى متشابها بمعبد سيتى الاول الصغير الملتصق به من جهة الشمال،وطول معبد الرامسيوم 180 مترا وعرضه 66 مترا.
نصل الآن الى الصرح الاول وهو بناء ضخم عرضه 66 مترا كانت تزين واجهته اربع ساريات للأعلام،وقد نقش بالنص والصورة على واجهته الداخلية مناظر موقعة قادش الشهيرة التى شاهدنها من قبل على واجهة معبد الاقصر،وهناك سلم يوصل الى سطح الصرح فى الجانب الشمالى من البرج الشمالى للصرح،نشاهد على جانبى مدخل الصرح من الداخل بقايا لمناظر رمسيس الثانى فى علاقاته المختلفة مع كل من مين وامـــــون وحورس وحتحور وبتاح وسشات وماعت وآلهه أخرى.
ندخل الآن الى الفناء الأول المهدم لمشاهدة مناظر الصرح الداخلية على البرج الشمالى؛؛ من اليسار الى اليمن؛؛ فنرى مناظر لبعض القلاع ومجموعة من الأسرى الاسيويين ومناظر من معركة قادش ونرى الملك جالس ومعه ضباطه فى انتظار عربته الحربية،وهناك أسفل هذه المناظر نقش يمثل ضرب الجواسيس الحيثيين ومعسكر حربى واخيرا وصول المركبات الحربية المصرية،ويستمر المنظر على البرج الجنوبى فنرى الملك فى عربته الحربية وفوقه عربات الحيثيين وهو يحاول مهاجمتهم ومنظر يمثل مدينة قادش داخل اسوارها المتينة،وعلى النصف الأيمن لهذا البرج نشاهد الملك وهو يمسك أعدائه ويقوم بضربهم.
الفناء الاول مهدم وكان به صفان من الاساطين فى الجانب الجنوبى منه كانت بمثابة صفى امام قصر رمسيس الثانى الصغير الذى كان يتألف من صالة اساطين بها ستة عشرة اسطونا فى اربعة صفوف،توجد فى واجهتها نافذة التجلى،بعد ذلك نصل الى قاعدة العرش وكان بها اربعة اساطين فى صفين ويكتـنف صالة الاساطين وقاعة العرش العيديد من الحجرات الجانبية ويجد خلف القصر اربعة بيوت للحريم.
كان يوجد فى الجانب الشمالى من الفناء الاول المهدم صف من الاعمدة الأوزيرية لم يبقى منهم الآن إلا قاعدتين تمثالين للملك رمسيس الثانى، يوجد فى مؤخرة هذا الفناء درج يوصل الى مدخل الصرح الثانى والى اليسار منه توجد بقايا التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى من الجرانيت الاسود وقد صنع من قطعة واحدة وبالرغم من انه سقط وتهشم فإن بقاياه تدل على عظمته السابقة ، فقد كان ارتفاعه حوالى تسعة عشر مترا،كما قدر وزنه بحوالى الف طن تقريبا ، ونشاهد على قاعدته مناظر تمثل الاسرى ويحتمل انه كان هناك تمثال آخر امام البرج الايمن للصرح الثانى ، وهذه بعض مقاسات لكى نتخيل ضخامة هذا التمثال ، يبلغ عرض الوجه مابين الاذنين 202,5 سم وطول الاذن 105 سم ومحيط الذراع عند الكوع 5,25 مترا وطول اصبع السبابة 105 سم وظفر الاصبع الاوسط 18,5 سم وهنا نتخيل كيف استطاع المصرى القديم ان ينقل هذا التمثال الضخم من اسوان عبر النيل لمسافة تصل الى 216 كيلو مترا ثم سحبه من شاطىء النهر فوق الحقول حتى يضعه فوق قاعدته.
الصرح الثانى اصغر قليل من الصرح الاول وتحلى واجهته الداخلية سلسة اخرى من مناظر معركة قادش ويوجد فوق المناظر الحربية مناظر خاصة بالاحتفال بعيد الاله مين وقت الحصاد ومنظر يمثل الكهنة وهم يرسلون اربعة طيور الى الجهات الأصلية الأربع معلنة نبأ ارتقاء الملك رمسيس الثانى للعرش.
يشغل الفناء الثانى مسطحا يعلو كثيرا مسطح الفناء الأول وان كان اقل مساحة منه،وهو مهدم ايضا وكانت تحيط به الأورقة من كل جانب وكان يتألف كل من الرواقين الشمالى والجنوبى من صفين من الاساطين البردية،وهناك صف من الاعمدة الأوزورية تمثل رمسيس الثانى فى الشرق وصف آخر من الأعمدة الأوزيرية تمثله فى الغرب،خلفه صف آخر من الاساطين البردية ذات تيجان على شكل برعم البردى ، ولم يبقى من هذه الاعمدة الاوزيرية غير الأربعة فى كل صف،وهى اعمدة شاع طرازها فى عهد الرعامسة فى الأفنية المكشوفة،وكانت تبرز من واجهاتها بإرتفاعها تماثيل الملك الحاكم الذى امر ببناء المعبد فى شكل الاله اوزيريس بردائه وشارته ووقفته التقليدية،قدماه جنبا الى جنب وذراعاه على صدره ويديه تقبضان على الصولجان(حكا)والمذبة(نخا). يشكل صف الأعمدة الأوزيرية وخلفه صف الاساطين البردية فى غرب الفناء الثانى صفة فى مقدمة بهو الاساطين الذى نصل اليه بواسطة سلالم وكان يوجد تمثال كبير للملك رمسيس الثانى على كل جانب من جانبى السلم الاوسط لا تزال رأس احداهما على الارض وهو من الجرانيت الأشهب.
نصل الآن الى بهو اساطين المعبد وهو فى نظامه وتخطيطه صورة مصغرة من بهو اساطين الكرنك ويعتمد سقـفه على 48 اسطونا فى ستة صفوف ويقع سقـف البهو على مستويين بحيث يعلو وسطه جانبيه وكان يشغل الفراغ بين الاساطين شبابيك يدخل منها النور. ويتوج الاساطين الاثنى عشرة العالية المصفوفة فى صفين تيجان على شكل زهرة بردى يانعة بينما تتوج بقية الاساطين تيجان براعم البردى،ويزين سقف الجزء الأوسط رخم ينشر جناحية بينما يزين سقوف الجانبين نجوم بلون اصفر على قاعدة زرقاء يبلغ ارتفاع اساطين الوسط 10,8 مترا واساطين الجانبين 7,5 مترا ويبلغ طول البهو 30,9 مترا وعرضه 40,8 مترا.
نشاهد اهم مناظر بهو الاساطين على الجدار الشرقى فنشاهد الملك فى طقسة دينية وهو يجرى ويمسك الدفة(حاب)والمجداف الى الالهة موت واله برأس الكبش ثم مجموعة من المناظر تمثل الملك وهو يقدم النبيذ الى احد الآلهة والدهون العطرة الى سكر اوزيريس والالهه سخمت ويقدم الخس للاله امــــــون وموت وأخيرا الملك فى عربته وهو يهاجم مدينة دابور فى الجليل فنشاهد رمسيس الثانى بحجم ضخم وهو يهاجم الاعداء بعربته الحربية وخيوله المندفعة الى اليسار ونرى منظر على اليمين يمثل مهاجمة وحصار قلعة بواسطة السلالم كما يشارك اولاد رمسيس الثانى فى المعركة كل منهم مصحوبا بأسمه.
ونشاهد على الجدار الغربى الخلفى المقابل الملك وهو يجرى الى الاله مين والى احدى الالهات ثم وهو يقدم التحية "نينى" الى احدى الآلهات،ويتقبل علامات "الحب سد" من امون وموت وأخيرا اسفل الجدار مجموعة من ابناء رمسيس الثانى. نرى على الجزء الايمن على نفس الجدار الملك فى علاقاته الدينية المختلفة مع كل من موت الصعيد ومين وسخمت ويتقبل علامة الحياة من امـــــون وخنسو وهناك مجموعة اخرى من ابناء رمسيس الثانى نقشت على اسفل الجدار،وقد زينت اسطح الاساطين بمناظر التعبد والتقدمة التقليدية التى يقوم بها الملك امام الآلهه والآلهات.
يلى ذلك صالة صغيرة للاساطين يحمل سقـفها الذى يزينه المناظر الفلكية ثمانية اساطين بردية على صفين ذات تيجان بشكل براعم البردى ولهذ تعرف هذه الصالة اصطلاحا "بالحجرة الفلكية" ويزين جدرانها العديد من المناظر الدينية فنشاهد على الجدار الشرقى الموكب المقدس فنرى الكهنة وهم يحملون الزوارق المقدسة وهناك زوارق لكل من امــــــون وخنسو والملك رمسيس الثانى وعلى نفس الجدار يمينا نرى الموكب المقدس مرة اخرى فنشاهد الكهنة وهو يحملون الزوارق المقدسة وهناك زوارق كل من الملكة احمس نفرتارى ورمسيس الثانى وخنسو وموت.
وعلى الجدار الغربى المقابل نشاهد الاله جحوتى يسجل اسم الملك على اوراق الشجرة المقدسة،ثم مناظر الملك وهو جالس امام الشجرة المقدسة ومجموعة من الآلهة ؛؛ويعتقد ان هذه الصالة ربما كانت مكتبة المعبد.
يلى هذه الصالة حجرة ذات ثمانية اساطين فى صفين،تهدم نصفها وما بقى على جدرانها من مناظر تمثل التقاديم التقليدية وكان يكتنف الصالة الفلكية وهذه الصالة العديد من القاعات والحجرات كانت تحفظ فيها نفائس ومستلزمات المعبد ،هذه الحجرات اغلبها مهدم. خلف هذه الصالة مهدم تماما بما فيه من قدس الاقداس والجميع على المحور الاساسى للمعبد.
تحيط بالمعبد من جهاته الثلاثه دهاليز ومخازن بسقوف مقببة من الطوب اللبن بها بعض العناصر المعمارية الحجرية ، وكانت تستخدم اغلب الظن لكى تخزن فيها الحبوب والثياب والجلود وقدور الزيوت والنبيذ والجعة ومنها ما كان يحتوى على صفين من الاساطين ويعتقد انه خاص بالكهنة والموظفين. قد حاول بعض المشتغلين بالاثار ان يقارنوا بين هذا المعبد وبين ماتصوروه عن مخازن الحبوب فى عهد سيدنا يوسف لأنه صعب الجزم بأنهما عاشا فى نفس الفترة.
وترجع شهرة هذا المعبد الى مخازنه المحيطه به والتى عثر فيها العديد من من البرديات والتى من بينها بردية سنوهى.